كاتب

كاتب

الأحد، 15 يناير 2017

مسابقة بوح الصوره *******بقلم شيماء حجازي

بوح الصوره
ذاك الرجل قضى حياته فى ثراء ، ولم يرى فى الحياة سوا رغد العيش ، وكان بمكانة مرموقة فى مجتمعه، وذو كلمة ورأى سديد وكان أهل مدينته يطلقون عليه سيد الحكماء، لثقافته وعلمه الجميع يحترمونه ويوقرونه
 وكان يحكم بين الناس بالعدل وإعلاء كلمة الحق ،وتحقيق المساواة فى دار القضاء  ، وبالرغم من كل هذا التبجيل والتعظيم له، لا يشعر بالسعادة يوما، ويثقل فى نفسه أن يبوح بما قهر قلبه ، وشرود ذهنه ، من بغض أبنائه وظلمهم الدائم له فتأمروا عليه ، وقست قلوبهم كالحجارة ، فقرروا أن يسلبوه ما يملك من مال وسلطان ، وكل عزيز على نفسه، فأخرجوه من بيته وألبسوه ثياب الفقر والوهن وألقوه فى قارعة الطريق وقالوا للناس أنه أصبح عجوزا ، لا عقل له ونحن فى غنى عنه وعن وجوده بيننا ، فالجميع ينصت ويصدق حديث أبنائه ، وهذا الأب لم ينطق بلفظ واحد ودمع عينه ، أغرق ثيابه من قهر ما فعل به أبنائه ، وظل هذا الرجل الحكيم يتخبط فى الطرقات ، ولا يوجد من يسمعه أو يأويه فى بيته فأرهقه التعب والسير وبيدة عصا يتكئ عليها فأخذ يستريح قليلا وينم على الأحجار ، ولكن قلوبهم أقسى من تلك الحجارة التى لجأ إليها ، وظل يبكى ويختنق من ألم البكاء ويعتصر قلبه مما فعله فلذات كبده ، ويفكر ماذا فعل بهم ؟ ليفعلوا كل هذا معه ، وهو يبكى جاء إليه رجل من مدينته فأشفق عليه لوجوده فى الخلاء وحده ، يدمى ألما ، فسأله ما بك فحكى له ماحدث له ، مع أبنائه فغضب الرجل وإحمر وجه وأخذ بيده إلى بيته ، وأوقد له مدفئته وقدم له الثياب الحسن والطعام والشراب، وقال له ستظل قاضى مدينتنا بعلمك وعدل وحكمتك فى تحقيق العدل والمساواة بين الناس ، وبالفعل عاد مرة ثانية هذا الرجل لمنصة القضاء ، وكان يحكم بالعدل والمساواة ، ومرت الأيام والأعوام ، ويلجأ أحد أبنائه يتظلم ويشكو من سوء معاملة أبنائه له ، وعرضت شكواه على أباه وهو سيد القضاه والحكماء فقال له : إقترب يابنى ، هل تعرفنى ، قال: لا ولكنى أشعر أنى رأيتك ، فقال له أنا والدك ، واليوم تقف أمامى تشكو لى ما فعله أبنائك ، وسأله ماذا تشعر به الآن من ظلم وبهتان ، هذا الكأس تتجرع منه كما أسقيتمونى منه زمان . وكما تدين تدان . وبكى هذا الأبن وقبل يد والده وطلب منه العفو والسماح .
بقلم شيماء حجازي

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق