كاتب

كاتب

الأحد، 25 سبتمبر 2016

[قراءة نقدية ] ********بقلم الأستاذ صالح هشام / المغرب !!!!!

[قراءة نقدية ] بقلم الأستاذ صالح هشام / المغرب !!!!!
[نشوة عاشق ] بقلم الأستاذ Ibrahim Abushindi
قرأت هذا النص فرأيته تلتقي فيه جيم الجنون وحاء الحب مكونة رحلة حج وسفر في عالم الخيال الصوفي ، رائع أن تتشطى فيه لغة شعر / حب لائطة بالقلوب منذ الأزل ! من منا لا يرق حاله لهذيان مجنون موله يوجه دفة سفينته إلى عالم الأحلام والآمال والآلام ، بعيدا عن أدران وأورام سرطانية تنخر كيان مجتمعاتنا المبنية على الزيف والرياء والكذب والنفاق السياسي ومختلف الأمراض الاجتماعية ،( جيم الجنون / حاء الحب ) رحلة أبي شندي بين أحضان لغة نص دال يتحرك حرا طليقا ، هذا الدال الذي لن يكون إلا هذا المكون اللغوي المتعين محققا حدا غير قابل للتحجيم من الدلالات فهو غير قابل بالتالي الى التعيين والتحديد ، كما سنرى في قراءتنا لهذا النص ، علنا كباقي القراء نشعر بطريقة أو بأخرى بتلك الهزة العنيفة التي تحدث زلزلة في افتراضاتنا وتوقعاتنا أثناء القراءة !
نص مكتوب لا مقروء بالمفهوم البارتي تستوطن تلافيفه سطور وجمل توحي بما لا يفهمه إلا ذوي الجماجم الضخمة ، إذ يستطيع القاريء الحذق عند كل قراءة له أن يعيد إنتاجه من جديد في عالم فوضى اللغة ، يختار المبدع إبراهيم (الكلم بمفهومه النحوي) الذي يتناسب والموضوع الذي يراود ذاكرته ويتملك منه القدرة على التفكير ، ويريد أن يقدمه للقاريء طبقا شهيا يسيل اللعاب ، فلكل مقال / مقام أو لكل مقام / مقال فكلاهما صحيح ،والمقام هنا أرقى وأعظم القيم و الأحاسيس الإنسانية التي تورق في النفوس وتخلق ذلك الانسجام الأبدي الذي يشعرنا بالسعادة السرمدية والمقال أي النص حتما سيكون في مستوى المقام !
إذن في هذا العالم الفوضوي للغة الذي لم يتشكل بعد ، يتدخل الأستاذ إبراهيم بسليقته العربية الرائعة وذائقته الشعرية المميزة ، لإعادة تشكيل هذا الكم الهائل من الوحدات اللغوية في سياقات وأنساق يحكمها طابع (الائتلاف / الاختلاف )من حيث اختيار الكلمات، وذلك من أجل خلق صور تنسجم و التيمة المعبر عنها في النص ! يعتبر الإسناد أو النظم ( نظم الكلمات وترتيبها ) بمفهوم قيدوم النقاد العرب الجرجاني ديدن جمال أخاذ قادر على خلق نشوة قراءة النسق العام للنص، وذلك بإسناد الكلمات لبعضها البعض وإن انتفى التقارب بينها وحصل التنافر على مستوى التركيب المألوف الذي نجده في النصوص المقروءة لا النصوص المكتوبة ، وفرق شاسع البون بين النصين المكتوب والمقروء خصوصا في نظرية علم النص أو بالمفهوم ( البارتي/ البنيوي) ، أقول يجعل المبدع هذه الكلمات تخلع لباس الطاعة عن الأهداف والمعاني التي رصدت لها على المستوى المعجمي ، وذلك ليخلق من التضاد انسجاما ومن الاختلاف ائتلافا ، وهذا هو معيار الجودة في الكلام في عرف الجرجاني: (أجود الكلام شدة اختلاف في شدة ائتلاف ) أو( جمع أعناق المتنافرات ) فمتى كان الشعر شلالا ؟ ومتى كان للقلوب شواطيء ، ومتى كان الحلم شيئا ماديا يغمر الشرق والغرب؟ هي تساؤلات قد تراود القاريء ، وإن كانت على المستويات المعجمية ، لا تعني شيئا لأنها خالفت معانيها الحقيقية ، هي على مستوى الانزياح من أجل خلق الصورة الشعرية الشاعرية الرائعة !
تسند كل كلمة ظهرها للتي قبلها أو بعدها وتستمد منها قوتها لتحصل مزيتها ، وتظهر فضيلتها ، وتؤدي إلى خلق معان انزياحية مجازية ، في كثير من الأحيان ما تكون خارج سلطة وصاية العقل! ولعمري إن هذا سبب طرد أفلاطون الشعراء من عالم الجمهورية ، لأن هذه التراكيب الانزياحية والمجازية تشوش على العقل والعقلاء وما الشعراء إلا مجانين مكانهم الصحيح هو الأودية التي تلفها أشجار الدفلى وتحفها سويقات السمار !
ألا ترى أنهم في كل واد يهيمون ، تقودهم عرائس الشعر وربات الشعر بمفهوم هوراس وشيطان الشعر بمفهوم وادي عبقر العربي ، أقول إن الجمع بين ما يدرك بالعقل وبين ما يدرك بالحواس ، أي الجمع بين عالمين متناضادين ( معقول/ محسوس ) لايستطيعه إلا مبدع خبر مجاهل اللغة ، قادر على خلق التآلف بين الكلمات ، بين الدال ( الصوت ) والمدلول ( المعاني والأفكار) !
والإبداع الشعري يعتمد أساسا على هذا النوع من الجمع في العالم الاعتيادي ،و الذي يخرق المألوف ويكسر اللغة التواصلية أو لغة النص المقروء ، من أجل خلق لغة مجنونة ، لغة صمت تخاطب نفسها وتقتات من صمتها ، لأن متلقيها قليل و نادر ، فالقلب تحول مكانا له صفات خاصة جدا تشير إليها كلمة عرش (قلب / عرش ) ، ولنتصور كيف ستكون وضعية هذا المحبوب وهو يتربع على عرش قلب هذا المحب المتيم الذي يتلمظ حلاوة عذابه ، نعتصرجمال المعنى ونستخلص درره وجواهره من خلال هذا النظم (التركيب ) ، أي إضافة المضاف إلى غير المضاف إليه الطبيعي على مستوى الخلفية الثقافية أما على المستوى النحوي فإن هذه التراكيب تحترم فيها الكلمات مواقعها من جغرافية الإعراب ، هذا يعني ان التكسير لا يقع إلا على مستوى التركيب اللغوي الذي تستفاد منه المعاني ! ولعل الهدف من هذا التكسير هو خلق هذه الصورة التي تدغدغ تلافيف دماغ القاريء ، وتجعله يتفاعل بشكل أو بآخر مع هذه الصورة التي يسعى إليها المبدع ، وقد نجد هذه المزية الخلاقة في الجمع بين المختلفات في نظام اللغة عند دوسوسير ، إذ يعتبر كل العناصر التي تكون لحمة نظام اللغة تنبني على الاختلاف !
هذا الاختلاف الذي تجعل منه الذائقة الشاعرة ائتلافا يخلق في نفس القاريء لذة كلذة طرب الخمرة ، أو رعشة الشطحة الصوفية ، فيجد القاريء نفسه أنه فعلا أمام (فنان/شاعر ) ، متحكم في إعادة بناء فوضى اللغة ، وترتيب مزهريته اللغوية خير ترتيب ، وتجود القريحة الشعرية بما تملك من قدرات فنية على توليف المتناقضات والمتضادات ، وإخراجها من عالمها الجامد الذي لا يفيد شيئا فى عالم الانزياح وبلاغة الغموض ، التي تعتبر ديدن نجاح اللغة الشعر الشعرية ، فهذا مثلا :(عمري/ خريف / مقفر # عطاء / نهر / حب) فنرى ان الصورتين متناقضتين تماما ، لكنهما تعبران اندحار أنانية الحبيب أمام عطاء المحبوب ذلك النهر الزاخر ، الذي لا ينتهي ، إلا بنهاية انتهاء النهر الجامح من الجريان ، والتدفق ، فرغم اختلاف الصورتين ، فإنهما يتحدان لخلق تلك القيمة الإنسانية الكبيرة التي تطمح إليها كل النفوس ولا يتضوع بمسكها إلا الكبار ، إلا من تجرد من نرجيسته ، ووضع المحبوب دوما في مكان العطاء الزاخر وهذا ليس تقليلا من عطاء المحب إن لم نقل إنهما متكافئان ، وإن اختلفا في الفاعلية والمفعولية ( محب / محبوب ) ، فهذا ليس إلا تنازلا من المحب عن أنانيته واعترافا صريحا بالضآلة واستصغار النفس أمام المحبوب ، وهذا أمر طبيعي لأن الحب يقتل النرجسية ، وفي محرابه تندحر الأنانية وعشق النفس، إنه أرقى العواطف والقيم الإنسانية ! عندما تتضاءل هذه القيمة (الحب ) وتضعف يدخل العالم دوامة الحروب والقتل وسفك الدماء وتندحر الإنسانية بحبها وبكرهها وتذوب القيم والتي أسماها هو الحب وأحطها الكراهية !
وأنت تحب لن تحتاج إلى مراكب ولا إلى مجاذيف للإبحار في عيني المحبوب ، لأن وميض السحر أو كما يتخيله من في وضعية المحب ، يجعله يسبح ضد التيار ، فالحب خالق وخلاق معجزات ومطفيء نار الكراهية والحقد ، تغلي العواطف الجياشة في نفس المحب فيجمع كل المتناقضات كأحاسيس في النفس وككلمات في اللغة الشعرية (يبهرني /يعصرني / يغرقني / يغمرني / كطفل يبكيني ) هو الحب اذن يوحد في النفس كل الانفعالات التي قد نراها ممكنة ، سواء كانت سلبية أو إيجابية على مستوى الإحساس المرهف للمحب ،فإنها لن تكون إلا انفعالات جميلة ورائعة !
عبر التاريخ تعلمنا أن المحب يستعذب عذاب الحب ،ويعشقه ويستطيبه ، وربما عشق عذاب الحب كان من أروع أسباب وجود ما تزخر به الآداب العالمية من روائع رومانسية في مجال هذه القيمة الإنسانية الرائعة ، والأروع في هذه القيمة أن المحب يضع نفسه دائما موضع المظلوم ، موضع الضحية ،إذ يشعر بالدونية أمام المحبوب كما يستعذب هذه العلاقة غير المتكافئة والتي تعتبر حافز إبداع رائع في مجال الشعر والسرد . ولنعد القهقرى إلى روائع الغزل العربي العفيف ، بدء من قيس إلى جميل الى... الى... الى وما أكثرهم ، وقد كان النقاد القدماء ، يعتبرون هذا النوع من الشعر لائطا بالقلوب أي انها ترتاح له وتستطيبه وتستعذبه وتستسيغه الاذن العربية القارئة ،هو الحب قيمة إنسانية خارجة عن حدود الزمان والمكان ، متأصلة في النفس الإنسانية منذ خلق آدم وحواء على وجه هذا الكوكب المتخم بالمتناقضات ، جميلها وقبيحها ، ولعمري لقد أخطأ من ربط هذه القيمة الإنسانية الرائعة بالجنس الآخر ، فقد تتحول المرأة رمزا لكل ما يمكن أن نجري لا هثين لنحبه ، ونضحي بحياتنا من أجله من ولد وامرأة ووطن ومباديء وقيم ، وعادات وتقاليد وكل ما يستحق المجازفة والمغامرة والتضحية بالنفس ! ورغم أني لا أحب أبدا أن أجري وراء الاسقاطات والتأويلات والتفاسير والتحليلات ، لأني اعتبرها شخصية وثمرة مجهودات قراءة خاصة لكل قاريء ، وأومن كذلك بأن القراءة لها ميزة لحظية وأخط هذه الكلمة بالخط العريض ( لحظية ) لأنها كالحرباء لا تستقر على حال وقد يمكن أن يقرأ النص عشرات المرات في الدقيقة الواحدة ، وهذا راجع لهذا الانفتاح النصي على تعدد القراءات وتنوع المفاهيم القرائية !
أحب دائما أن أركز على ما لا نختلف فيه من خصائص نصية كالمقومات الفنية والبلاغية والمجازية وإن كانت هي أيضا تدعو إلى الاختلاف لأن الصورالمترتبة عن المجازات تخضع أيضا للأذواق القرائية المختلفة ، وربما حتى إذا أردنا أن نعالج الموضوع من حيث المعاني التي يعتبر الكثير النقاد المحدثين البحث فيها تكريس لسلطة العقل ، التي تشل حركة الإبداع وتربطه بالواقع الآسن والمبدع خصوصا في مجال الشعر بطبعه ميال إلى التحليق في عوالم مبنية على التخييل والإلهام ، والانفعالات ، والتمسك بتلابيب شياطين الغواية الشعرية !
أقول قد ننجح إذا حصرنا التيمة الأساسية ، التي لا يختلف فيها اثنان ، وبعد ذلك كل له باعه الطويل في التحليل والتأويل وتفكيك الرموز واستجلاء شفرات النص ، وقد لا نحمل هما من هذا الجانب لأن المبدع يترك مسافة بين نصه وبين القاريء قد تكون كفيلة بمنحه الوقت الكافي لإنجاز هذه العمليات ( التحليل / التأويل / تفكيك الرموز / استجلاء شفرات النص ) هذه العمليات الفنية التي تحيي النص ، وتجعل القاريء مشاركا مبدعا يهدم ويبني ، ويبني ويعيد البناء لا ذلك القاريء الذي يستف كل ما يقدم له من رسائل دون طرح السؤال أو التساؤل ، لهذا يلاحظ القراء أني أحاول قدر الإمكان الابتعاد عن التأويلات الباحثة عن المعاني ،فلكل قاريء معانيه يتصورها بطريقته الخاصة ولا أحد وصي على فهم الآخر والمناهج النقدية لا قدسية لها ، إن هو إلا التعاون الفكري والأدبي ، بيننا- معشر القراء - فما دامت الخلفيات الثقافية تختلف ومادامت الظروف المتكلمية تختلف ، والكلام بمختلف أنواعه صنعة ظروف متكلمية فالتحاليل حتما ستكون مختلفة ، والكلام عبر الزمن خاضع لهذا المتكلم أو ذاك ، باعتباره المتحكم في ترتيب فوضى عالم اللغة الذي لا يتشكل إلا بتدخل منه ، ومن هنا نستنتج اختلاف القدرات الإبداعية والكلامية !
حاولت في قراءتي لهذا النص أن أركز فقط على بعض الأمثلة من النص ، باعتباره وحدة متكاملة لا يجوز فيها التجزيء أبدا أيضا باعتباره نسقا عاما ، وإن حاولت أن أشير إلى العتبات النصية في هذا التحليل بدء من العنوان إلى جملة البدء و لكني لم أتناول جملة النهاية كعتبة نصية أساسية لظروف قرائية خاصة ، ولست أكثر أهمية من جيرار جنيت الذي لم يعط أهمية تذكر لجملة النهاية في دراسته للعتبات النصية ، وهذه فقط محاولة قراءة والبوح بانطباعاتي النقدية ، والنص مصدر رحيق لا بد لنحلة كارل فون فريش أن تؤدي اتجاهه رقصة الانتشاء به والشعور باللذة، لذة القراءة بطبيعة الحال !
بقلم الاستاذ :صالح هشام !
الاحد 25 غشت 2016 !
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
النص المعتمد ///// نشوة عاشق
بقلم / Ibrahim Abushindi
الى من نثرت شعرها شلالا في شواطئ القلوب
وغمرت أحلامي شوقا في الشروق والغروب
ونامت في عرش قلبي ملء جفنيها
وسرت في أعطاف الدروب
اليك سيدتي .. في عيدك الذي لم يبدأ
أهدي قصيدتي
..............................................
عمري خريف مقفر .. وعطاؤك نهر حب يغويني
أجدف بلا مرساة .. فيجذبني تيارك ويرميني
في عينيك وميض للسحر
يبهرني .. يعصرني .. يغرقني .. يغمرني
يسعدني كطفل ويبكيني
..............................................
غريب أنا في سفر تكويني
وحيد في رسمي وتلويني
عاشق أنا حتى دمي وشراييني
ألوذ بحماك
فتحرقني نارك وتكويني
.............................................
عازف أنا بلا قيثارة
وأنت لحن جنوني
يشعلني سناء شذاك .. ويبقيني
فأصرخ ألف آهة .. ملء قلبي
أنت .. أنت نور عيوني
......................................
ضحكاتك عطر ورد .. تنشيني
وآهاتك خنجر مسموم .. يؤلمني ويشقيني
فالموت بحبك شرف
لا يخجلني .. ولا يخزيني
..........................................
ثغرك الفتان قصة حب تسليني
وشفتاك كأس خمر يغريني
وأنا قد جف حلقي عطشا
فمن ذا غيرك يسقيني .. ويرويني
...........................................
وهذا العنق الممرد .. ينسيني
قواميس اللغة .. ويعطيني
دروسا في الشوق .. فتغنيني
وأنا ممزق أشلاء .. فخذيني
اليك وضميني
.............................................
وصرح سليمان ممتد
من شفتيك حتى حدود عيوني
وفي نافذة النهدين .. أقرأ شعري
وأقول شجوني
وعلى تراتيل حبك
أغازل نجومك
وأقطف ورد بساتيني
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~انتهى النص
بقلم الأستاذ : إبراهيم أبو شندي!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق